غياب الأغنية الرصينة والاهتمام بالأغنية الصاخبة
مسؤولية المطرب تتجلى بالحفاظ على الأغنية العراقية
بغداد - شذى الجنابي
الاغنية العراقية تمتلك ماضياً غنياً ورصيداً غزيراً من الانتاج الفني بمختلف اشكالها ولهجاتها ولغاتها، وعن تراجع الاغنية وتذبذب مستواها بعد الاغنية الستينية والسبعينية حدثنا الفنان جمال عبدالعزيز عضو اتحاد الموسيقيين قائلاً:
شهدت الاغنية العراقية فورة ابداعية لا تضاهى في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وفقدت الاغنية العراقية مذاقها الاصيل، والسبب يعود اولا الى الجهات الرسمية والاعلامية التي لا تهتم بالفنان المبدع والصادق، والثاني هو اسلوب المساومة المادية والمجاملات والعلاقات الرخيصة.
على الرغم من وجود اصوات لا تتمتع بالجمال وحسب بل بالندرة الصوتية، وهناك موسيقيون مبدعون في الساحة العراقية لكن السؤال من يرعاهم فهم بحاجة الى دعم مادي ومعنوي للنهوض بواقع الفن الهادف المبدع واعادته الى صورته البهية.. وفي عهد النظام السابق تم اغراق السوق العراقية بالعديد من النتاجات الفنية الركيكة، واصبحت تلك الممارسات بطاقات مرور للعديد من الفنانين لمواصلة عملهم ونشاطهم الفني في ظل احتكار الدولة القمعية للمؤسسات الثقافية ووسائل الاعلام وامكانيات الانتاج الفني، فهي المسوق الوحيد للنتاجات الابداعية والفنية، بما فيها الاسواق التجارية الاهلية غير الحكومية، ومع ذلك استطاعت الاغنية العراقية الجادة ان تجد طريقها الى السوق وظهر العديد من الاصوات التي فرضت نفسها على الساحة الفنية رغم الظروف الصعبة التي واجهتها امثال المطربين حسن بريسم وكريم منصور اللذين بدءا حياتهما كمطربي (كاسيت) وكذلك الدكتور فاضل عواد والمطرب المبدع حسين نعمة بعدما اغلقت بوجهيهما في بداية رحلتهما الفنية ابواب الاذاعة والتلفزيون والقائمة تطول، اذا تم التطرق الى الفنانيين والمطربين والملحنين والموسيقيين والشعراء الذين هربوا من العراق، وبعد سقوط النظام تعرضت الاغنية مثل سائر الحقول الابداعية الى هجمات الظلاميين والتكفيريين الذين منعوا الاغنية وتمادوا في تحريم الاغنية واعتدوا على المؤسسات الفنية ومنعوا الاغاني في الاماكن العامة وجرت مطاردة العديد من المطربين واصبحت الساحة الغنائية خالية من هؤلاء ماعدا فنانين معدودين وعليه يفترض وجود مؤسسة لرعاية الشباب لتقديم ماهو جديد لان اتحاد الموسيقيين العراقيين ليست لديه القدرة على رفع اجور حتى المكان المتخذ كمقر عام.
غياب النص
وفي تعليق للفنان والملحن كريم الرسام بشأن حال الاغنية العراقية فيتساءل هل الاغنية العراقية في الداخل غنائية الان؟ ابداً.. الاغنية العراقية موجودة والشعراء العراقيون مبدعون ولكن للاسف توجد موجة من النصوص الهابطة والاغاني السخيفة التي لا تمثل حال الطرب، ويوجد اشباه شعراء في الساحة العراقية نتيجة الغليان الموجود وكثرة الفضائيات وهذه الموجة سواء كانت مقصودة او غير مقصودة ادت الى رداءة الاغنية العراقية ولو تحدثنا عن اغنية (البرتقالة) فهو نص اعتيادي ليس فيه بريق عال لانه نص درامي، ولكن المشكلة في تصوير الاغنية الذي اساء كثيرا للاغنية حالها حال الاغاني الاخرى التي يقدمها المطربون الشباب من خلال وجود الفتيات الجميلات فيها، اصبحت الاغنية خالية من الفكرة والمضمون ولو كانت هذه الاغنية من دون فتيات لاندثرت بسرعة، واعتقد ان هذه الاغنية ومثيلاتها اساءت بشكل كبير للاغنية العراقية ولرصانتها التاريخية، ويحاول العديد من المطربين والفنانين العراقيين (السبعينيين) مواصلة مشوارهم الفني بالوقت الحاضر في رفد الطرب الاصيل والعودة عبر الاغاني الفردية والجماعية المعبرة عن القضايا الوجدانية ومشاركة الوطن محنته وقضاياه، فمثلا وضع الملحن المعروف طالب القره غولي لمساته اللحنية على اوبريت (موضوعه الوطن) الذي اشتغل عليه لمدة سنتين ودعا به للوحدة والتسامح والمواطنة ويتوقع ان ينضم المطربون الشباب الى نخبة من جيل السبعينيات الذين لحن لهم اغلب نتاجهم الغنائي، ونلاحظ وجود فنانين تركوا بصمة ما زال يرددها الشباب منهم حسين نعمة ورياض احمد وحميد منصور وفؤاد سالم؟
استغلال الفضائيات
يعتقد الناقد الموسيقي حسن مهدي بوجود قصور واضح في عمل وزارة الثقافة في هذا المضمار وساهمت الفوضى الامنية والارهاب بعد السقوط في القضاء على الاجواء الطبيعية للاغنية العراقية داخل الوطن ما حدا اغلب الفنانين والمطربين والموسيقيين والشعراء الهجرة الى خارج الوطن لممارسة نشاطهم وفعالياتهم الفنية والادبية ما اثر في مستواها على جميع الاصعدة من خلال ادخال مفردات غير عراقية عليها، وانتشارها بالحان غير عراقية، واقامة حفلات تجارية لارضاء جمهور محدد تتحول فيه الاغنية الى وسيلة للتكسب لدى العديد من الموهوبين مع سيطرة الشركات الفنية التجارية على الانتاج والتسويق والتوزيع الذي زاد من استغلال المطربين والفنانين وتم ربطهم بعقود طويلة الاجل افقدتهم الكثير من حقوق الملكية الفكرية وفرضت عليهم في اغلب الاحيان شروطاً مجحفة.
رابطة لحماية المطربين
وبشأن تأسيس رابطة للدفاع عن حقوق المطربين اوضح عضو اتحاد الموسيقيين خالد الملا (ابو سرحان) رأيه قائلاً: هذا مهم لحماية المطرب ومنجزاته الابداعية وقد طالبنا كثيراً، ولكن اصواتنا كانت تصطدم بالصخر ولا احد يسمع ولا يستجيب ولكن نؤكد على حقيقة هذا المكسب ضرورة مهم تعيد للمطرب حقه وتصون ابداعه وتحافظ عليه.
اما فيما يخص الاغنية العراقية في الخارج فاغلبها لاتنتمي الى الاصالة ولهذا اسباب اهمها ان الفنانين الذين يعملون على هذا النوع من الاغاني يقعون تحت سطوة القنوات الفضائية وتستغلهم وبالمقابل هم يضطرون للتعامل معها لاسباب مادية لان الغربة جرح دائم النزف بالنسبة لهم لكن علينا ان نقر بان الاغنية العراقية سواء بالداخل او الخارج هي تراثنا الغنائي الاصيل الذي نسعى للحفاظ عليه وتطويره.
مستقبل الاغنية المجهول
اما الناقد الصحفي وعضو اتحاد الموسيقيين عباس الذهبي فله رأي اخر إذ يقول: هناك موجة جديدة لبعض الفنانين الشباب في استخدام الاغنية العربية كوسيلة للانتشار والشهرة في البلدان العربية والمهجر، وان شهرة الفنان العراقي عربيا تعود لسنوات طويلة فمنذ حضيري ابو عزيز وداخل حسن ومحمد القبانجي وناظم الغزالي ومن ثم حسين نعمة وياس خضر وفاضل عواد وسعدون جابر فعلى الجيل الغنائي الجديد اكمال المشهد الفني العراقي الذي بدأه الرواد.
وعلى الرغم من الظروف العصيبة التي يمر بها العراق الا ان المبدعين يواصلون طريقهم ويظهرون على الساحة الفنية العراقية في داخل الوطن وفي المهجر امثـال كاظم حسام وكاظم الساهر ورحمة مزهـر بنـت الفنان الراحـل رياض احمد وهناك العديد من الاصوات الغنائية الريفية التي يحتضنها بيت الغناء الريفي في المحافظات وتأهيـل عـودة الفنانـين المغتربين الـى وطنهـم وحتـى ذلك الحيـن يبقـى مستقبل الاغنيـة مثـل كـل القضايا الاخـرى مجـول المستقبل.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]